الموناليزا او الجوكوند
1503- 1506
لطالما تغنى الكثيرون بهذه اللوحة ولطالما جذبتهم واعتبروها تمثيلاً للمرأة المثالية هل من الممكن أن نفسر ونعرف ما هو وراء اللوحة!؟الشروحات أدناه هي رؤية دانييل اراس و التي اعتُمدت من العديد من المواقع الخاصة بتحليل اللوحات الفنية.
قصة اللوحة
فرانشيسكو ديل جيوكوندو تاجر غني طلب من دافنشي الذي كان الأشهر في عصره أن يرسم له زوجته أم طفليه، العائلة استقرت في منزل جديد و أراد الزوج السعيد تزيينه بلوحة لزوجته في نهاية الأمر لم يحصل هذا لأن اللوحة بقيت غير منتهية عندما غادر دافنشي ميلانو و أخذها معه إلى فرنسا حيث توفي هناك. اللوحة سميت الجوكوند أو موناليزا. أي السيدة ليزا وهو اسم صاحبتها.
عناصر اللوحة
قسمان يشكلان اللوحة، اختار دافنشي أن يرسم نصف جسم السيدة (الصدر والذراعين) جالسة بوضعية مائلة ولكنها تنظر إلى المشاهد. نجدها جالسة على كرسي بلا مسند في اطار لمقصورة كما نلاحظ حافة مسطحة لجدار وبروز عمودين من اليمين ومن اليسار ، والجوكوند في مركز التكوين وهي تعكس بهذا المكان الهندسي المكان الرئيسي الذي تضع فيه الإنسانية الفرد، ونرى أن تقاطع القطرين يقع في قلب الشخصية.
غياب وجود الإنسان عن خلفية المشهد كان أمراً غير مألوف في عصر النهضة
نجد السيدة محاطة بكتلتين ذات طبيعة موحشة، الجزء الأيمن أعلى من الجزء الأيسر ونجهل امكانية العبور من أحداهما للأخرى بما أن وجه موناليزا يقطعها.
الضوء
يأتي الضوء من اليسار ويضئ الوجه وعنق ويدي الشخصية. يزيد اختيار الملابس القاتمة من تمركز الأقسام المضاءة. الإنسان هو العنصر الأهم هنا، بلإبراز التناقض بين حيوية هذه السيدة الشابة مقابل المشهد الطبيعي المقلق الذي تدير ظهرها له.
الالوان
الألوان الحارة مخصصة للسيدة. والألوان الباردة للطبيعة. من الصعب رؤيتها حالياً لأن الألوان عتمت مع الزمن.

الضبابية النعومة والخفة ومخملية الصورة هم نتيجة تقنية تدعى
SFUMATO
اتقنها دافنشي بشكل كامل وهي تعني الضبابية حيث تتلاشي الخطوط المحددة للعناصر وتندمج ببعضها بفضل الطبقات المتراكمة فوق بعضها حيث تعطي انطباعاً من النعومة والصفاء.
الطبقات المتراكمة
(GLACIS)
عجزت أشعة الراديو أيضاً عن تحليل الطبقات المتراكمة. اعتمد أخصائيو مخبر اللوفر على القياس الضوئي لأشعة اكس تسمح بحساب سماكات الطبقات الرقيقة من الألوان و من تراكيب الصباغ. خضعت لوحات دافنشي الست في اللوفر لهذا التحليل.
اهتم الباحثون بدراسة الوجوه في لوحاته، حيث الواقعية، دقة الخطوط ودرجات الألوان تشهد على تقنية خارقة. أظهر التحليل أن دافنشي قد وضع على سطح اللوحة طبقة تسمح له بالتظليل ببراعة كما يرى أحد الخبراء بأنه بذلك استطاع الحصول على تصوير واقعي للطبيعة ولتأثيراتها الضبابية.
تعمل هذه التقنية كسطح زجاجي شفاف كل طبقة تسمح له باللعب بتدرج ضوئي ولوني.
مع العلم أن سماكة كل طبقة لا تتراوح بين ١-٣ميكرون فقد وضع ليوناردو ثلاثين طبقة لا تتجاوز الأربعين ميكرون ما يعادل نصف سماكة الشعرة. كان يتطلب كل فيلم زمن لجفافها ممكن أن يصل لعدة أيام أو عدة أشهر. هذا ما شرحه جيورجيو ڤاساري كاتب مذكرات الرسامين في تلك الفترة. وأكد بأن ليوناردو أمضى أربع سنوات في العمل على لوحة الموناليزا قبل أن يتركها غير منتهية. وكان مبهوراً بقدرته على جعل الدرجات اللونية “أكثر سواداً من اللون الأسود”.
لم يكن دافنشي الأول و الوحيد الذي استخدم هذه التقنية التي ابتكرها الرسامون الفنلنديون.لكنه استخدم للون الاسود أوكسيد المنغنيز كي يحصل على التأثير الدخاني. الذي ربما أضاف إليه النحاس لبعض الوجوه للحصول على انعكاسات زرقاء. وقد استخدم هذه الطريقة مع تقنية جديدة هي خلط الريزين بالألوان الزيتية .إن إضافة الطبقات والحضور القوي للمنغنيز أو النحاس، يبدو بوضوح في أشهر ثلاثة أعمال له موناليزا. ويوحنا المعمدان و العذراء والطفل مع القديسة آن.
ابتسامة الجوكوند
حسب الباحث دانييل اراس ، أن ليوناردو هو أول من رسم لوحة شخصية بابتسامة لم تُرسم شخصية باسمة قبل الجوكوند.حيث يقول ربما تكون الابتسامة هي مجرد سعادة بولادة طفلين ذكرين حسب الرواية وهذا ما يمكن أن يسقط كل التحليلات التي وضعت حول تحليل الابتسامة.
العلاقة بين الابتسامة والمشهد.
ان الابتسامة تعكس المشهد الخلفي. إذ نرى على اليمين جبالاً مرتفعة وفي الأعلى هناك بحيرة مستوية كمرآة تشكل خط افق مرتفع في الجانب الأيسر على العكس نرى مشهداً بمستوى أخفض بكثير ولا نجد وسيلة للوصول من جهة الى أخرى. في الحقيقة يوجد فجوة مخبأة وراء الوجه نفسه والفم الذي يعلو ليرسم ابتسامة عند الجهة المرتفعة للمشهد يشير للانتقال المستحيل بين الجهتين.
الابتسامة : الزمن الذي يمضي، النعيم والفوضى
عندما نقرأ ما كتب دافنشي نرى أنه كان من كبار المعجبين ب أوڤيد وتحولاته. وهو يعتقد مثل اوڤيد بأن الجمال غير دائم وفان.
وكما يقول اوڤيد بلسان هيلين ” أنا جميلة اليوم، هل سأبقى كذلك؟!”
هكذا يعالج دافنشي فكرته بشكل مكثف، فالابتسامة هي النعمة الزائلة لأنها لا تدوم سوى لحظة. وهي تجمع فوضى المشهد الخلفي لننتقل من الفوضى إلى السلام ومن السلام إلى الفوضى.
اللوحة هي تأمل في مرحلتين زمنيتين تعكسان أزلية الفوضى ولحظية الابتسامة.
في الصورة الدائرة الحمراء ترمز للعبور من الإبتسامة الزائلة إلى زمن الفوضى الخالد
الجسر
الجسر هو الزمن الذي يمضي. لأن وجود الجسر يعني وجود نهر وهو اشارة للوقت
الزمن هو موضوع اللوحة
نرى السيدة تدير رأسها اشارة للحركة… والحركة عادة تجري خلال الزمن.
بماذا تمثل الانسانية ؟
ليوناردو اعطى لمحة انسانية اكثر عمقاً من معاصريه الذين كانوا يرسمون الشخصيات في بيئة ملونة فيها شخصيات و عناصر طبيعية توحي بالاطمئنان.
لقد ادخل ليوناردو لوحة المرأة المبتسمة في فلسفة الطبيعة التي يعرف أنها فائقة القدرة بدون أن نعرف حقيقة القدرة الالهية التي قد تتدخل بمجرى الزمن، والتي يمكن للانسان الهروب منه (اي الزمن ) لبضع لحظات.
الرسم هو قضية عقلية.
Cosa mentale
هكذا قال ليوناردو … إنه التأمل.
اعتُبرت اللوحة عمل انساني لأسباب
- الشخصية هي في مركز اللوحة
- ابتسامتها وطمأنينتها علامة على الثقة بإنسانية الإنسان التي تخلصت من رعب الخطابات الدينية المدمرة
- الابتسامة وبساطة الشخصية بثيابها البسيطة وبدون مجوهرات تضع الانسان في قلب الحياة بدون تصنع، هذه العناصر تعطيها بعداً موحداً نجد فيه ذاتنا حتى يومنا هذا.
- حتى لو ان وُضع الانسان في مركز القداسة، إلا أنه لن يصبح الهاً يكتفي بذاته.

ملاحظة المترجم:
هناك من يحلل أن ليوناردو رسم وجهه هو في صورة السيدة ويعتمدون في ذلك على مطابقة لوحته الشخصية الشهيرة وابعاد تقاطيع وجهه مع ابعاد وجه السيدة. ويحللون أنه احتفظ باللوحة لأنه كان يرى نفسه فيها و أنها كانت تعبيراً عن انعكاس عن شخصه هو… إلا أنها تبقى مجرد افتراضات.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire